الأحد، 20 فبراير 2011

في الصبر..

عبد الفوضى يردد دائما: "إن الله مع الصابرين"
ولكنه يأخذ من معاني الصبر الآتي:
1- صبر الحبس والمنع
فيحبس نفسه عن كثير من العمل المباح
ويمنع نفسه عن معاني الجمال والحياة
فيعيش حياة الأشباح التي هي أشبه بحياة أهل القبور..
..
2- صبر الانتظار
فهو لا يعمل أي شيء
فقط ينتظر مهدي آخر الزمان المخلّص
 ليتكفل بالقيام نيابة عنه بما كلف الله به كل فرد مستقل
..
3- صبر القتل
فلا تراه حين يتعرض لأمر أو مصيبة يدافع عن نفسه
أو ماله أو عرضه
أو موطنه الذي يسكن فيه
ولا يطالب حتى بحقوقه..
فيستسلم للموت صبرا
ليأتيه الموت بكل أشكاله
من الفقر والحرمان والعبودية والمهانة
فكأنما هو قد سلم نفسه لقاتله
..
4- صبر الإكراه
فيكره نفسه وذويه على ما لا رغبة لهم به
غير مكترث بسنة الله في اختلاف الناس
*
وأما عبد الله فإنه مؤمن بالصبر أيضا
ولكنه يأخذ من معاني الصبر الآتي:
1- صبر العمل:
فيصبر في سبيل إنفاذ ما أمره الله به
من إخلاص حريته لله تعالى
ولو عانى في ذلك شتى صنوف العناء
يصبر
وإن جاهده الناس
كل الناس
ولو كانوا أقرب الأقربين له
فإنه يصبر على عدم طاعتهم
ويصبر أيضا على مصاحبتهم في الدنيا معروفا..
..
2- صبر الاستمرار:
فهو يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم
فلا تعدو عيناه عنهم
وهو وإن تمتع بزينة الحياة الدنيا
إلا أنها لا تشغله عن مراده وغايته..
فيصبر عن الملهيات والمثبطات والمحبطات
وكل إثم يصد عن طريق الله..
..
3- صبر المصائب:
فلا يجزع إن أصابته مصيبة لا قبل له بها
ولا يسخط ولا يكفر بالله
ولكن يعلم أن هناك قوى أكبر من حوله وقوته
وأنه لا حول له ولا قوة إلا بالله..
..
4- صبر الخصوم:
فيقتص ممن ظلمه ويأخذ حقه
ويصطبر من كل معتد آثم..
*
وعبد الله لا يعالج مشكلاته بالصبر
لأن الصبر وحده لا يعمل شيئا..
فسنة الله تقول:
إنه لا بد من العمل والبحث عن حلول للمشكلات..
ولكن
"استعينوا بالصبر والصلاة"
استعانة
وليست اعتماداً كلياً
لذلك طرد عمر بن الخطاب أولئك القوم المسبحين
المتوكلين الذين قالوا إنهم سيقضون أوقاتهم في التسبيح والصلاة
ويتوكلون على الله
ويصبرون على المسغبة حتى يؤتيهم الله من فضله..!
فزجرهم بأن السماء لا تمطر ذهبا
وأنما يأتي المال وتبنى الحياة بالعمل
والصبر على العمل..

السبت، 19 فبراير 2011

شقاء وبقاء..

قال اهبطوا إلى الأرض جميعاً
ففيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون..
إنكم عصيتم ربكم فغويتم..
-ماذا لو لم يذنبوا؟
إنهم لو لم يذنبوا لذهب الله بهم.. ولأتى بآخرين يذنبون!
..
عصى آدم ربه فغوى..
لقد كانت معصية ضرورية لأجل البقاء..
لئلا يذهب الله بهم..
..
ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى..
إنها معصية توارت خلف ستر التوبة..
لتدفنها وتخفيها.. فيمحوها الرب الغفور..
 ..
يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم..
سوأة أو عورة يواريها الناس خلف اللباس..
 ..
الذنب.. المعصية.. السيئة.. السوأة.. العورة.. والعورة المغلظة..
أسباب للبقاء.. ولاستمرار الحياة.. والإنتاج.. والاستخلاف..
إني جاعل في الأرض خليفة.. ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين..
 ..
وإنه ليحسن بالمرء سترها.. لا بترها والتخلص منها..
 وبقاؤها خير مع قبحها وما تسببه من حرج..
..
ولباس التقوى؟ التي تقينا الحر والبرد..؟
التي تقينا بأس الحروب والضروب..؟
أم التي تقينا الذنوب والعيوب؟
ذلك خير وأبلغ في الحسن والستر..
ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون..

الأحد، 6 فبراير 2011

في التفكير..

ليس المؤمن بالحائر
ولا صاحب اليقين الأعمى..
ولكن المؤمن صاحب إيمان صريح..
له قلب يفقه به..
يقلب به الأمور..
..
والقلب عند القدماء هو اسم للعقل
لأنه مكان التقليب والترديد
وموضع التفكر والتأمل..
-وإن استخدم أطباء التشريح فيما بعد اسم القلب لعضو ضخ الدم-
..
لا بد للمؤمن الحُر من عقل متفكر
يختبر به ما يعرض له متمعنا في كل جانب من جوانبه..
يتأمل في الأمر؛
ثم يتأمل فيما نتج عن تأمله..
وهكذا يتسلسل في تفكير لا نهائي..
..
قد يدفع ثمن تفكيره من راحته؛
ولكنّ هذا قدَرُه، وسرُّ وجوده..
لو أراح عقله ليقين الجمود أو يقين التقليد للسالفين؛
فإنه بذلك يلغي عقله أو يلغي وجوده..
..
فالمؤمن الحر كما قال الفلاسفة: ناطق.. أي مفكر..
يميزه عن سواه من الكائنات أنه يفكر..
كذلك قال أحدهم بأنه يفكر إذن هو موجود
فهو لو لم يفكر ويتساءل؛ لما تأكد له وجوده!
..
الإيمان قصة بحث طويلة، وأسئلة لا تنتهي..
ولكن هذه الأسئلة هي سر صريح الإيمان!
..
ليس الإيمان هو يقين التقليد لما توصل له الآخرون..
ولا هو جمود النفي والإنكار
(كما يفعل بعض من أراح عقله من التأمل)
فإن الملحد جامد،
قد حجر على تساؤلاته بجواب واحد،
وألغى صفة التقليب لعقله!
وكذلك المقلد..
..
لا خوف على المؤمن من التفكير طالما كان تفكيره مستمراً
لا يحده حد بتقليد أو جمود..
إذ إنه بامتلاكه مَلَكَة التفكير؛ لن يضره شيء بإذن الله..
فحتى لو خاض في بحور مظلمة، وتاه في صحاري مهلكة؛
فإنه يظل يمتلك أداة النجاة وهي التفكير..
..
لا خوف من التفكير..
إنما الخوف على المؤمن من عدم التفكير
أو التفكير لفترة أو لبرهة أو لمرة واحدة ثم التوقف!
فإن هذا هو الجمود..
كالذي فكر وقدّر، فقتل كيف قدّر!
فإنه تفكر قليلاً ثم أراح عقله بإجابات محددة
فقال إن هذا إلا سحر يؤثر..
إن هذا إلا قول البشر!

السبت، 5 فبراير 2011

شهود الله..

للمرء -كما قيل- ثلاث صور..
صورته في أعين الناس
وصورته في عين نفسه
وصورته في عين الله..
فإن شهد الناس عليك بخطأ أو صواب؛
فإن ذلك ليس حكماً إلهياً لا مفر منه..
ولكنها شهادة شاهد
يدلي بشهادته أمام القضاء
فيحكم الله بعدله ورحمته يوم القيامة ما يشاء..
..
هذا وإن من الشهود قوم سوء
لا يرقبون الله فيما يقولون
فيشهدون بما لا يعلمون
وإنما الشهادة الصحيحة ما كان منها
عن علم ويقين واضحين وضوح الشمس
أفرأيت الشمس؟
فعلى مثلها فاشهد..
..
ومن الناس من يسمع الخلق يقولون قولاً
فيقول بمثل قولهم..!
ومنهم من رأى منك موقفاً ففسره على غير وجهه
جهلاً أو سفهاً أو خبث نفس..
فيشهد شهادة زور عن قصد وغير قصد..
..
ومهما كثر الشاهدون بحق أو بظلم..
فإن الشهادة للناس، والحكم لله وحده..