الأربعاء، 23 مارس 2011

العلم والإلحاد..

العلم يقود لاكتشاف أسرار الطبيعة..
وفي الكشوفات إغراء
للسيطرة على الطبيعة
-حال القدرة على ذلك-
أو اتباعها والخضوع لها - حال الاستسلام والعجز..
..
وعندما يعيش الإنسان تحت قوانين طبيعته وعقله فقط
-لا يذهبُ وراء ذلك-
فإنه لا يردعه شيء عن أن يغدو كالسبع
الذي لا يرحم عند تمكنه من فريسته أو خصمه،
أو كالبركان الذي يثور
 وكالزلزال الذي يدمر دون مراعاة لغير قانون الطبيعة..!
إن الإنسان ليطغى.. أن رآه استغنى..!
..
كذلك فإنه تحت قوانين الطبيعة تلك لا حافز للإنسان لأن يتغلب على ضعفه؛
فربما يستسلم كالحمل الوديع عند تمكن عدوه منه..
أو كالذر الذي يُسحق تحت الأقدام دون أن يأبه له أحد..!
تلكم هي شريعة الطبيعة..
قوانين على غير هدى..
..
لكن الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى..
جَبَل كل كائن على طبائع وغرائز أصلية لا تنفك عنه..
ثم لم يترك الإنسان سدى..
بل أعطاه خلقه ثم هداه..
..
لقد قيل للإنسان الأول الذكر والأنثى:
اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو..
(هذه طبيعة البشر.. العداوة...)
فإما يأتينّكم مني هدى؛ فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى..
..
لقد أنزل الله الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط..
ذلك الكتاب هدى للناس ورحمة ونور..
يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام..
إنه ليس كتاب كشوفات أو حقائق علمية..
ولكنه هدىً
يعوض عجز الطبيعة والعقل والعلم عن توفير الأمان..
ويضمن أن يعيش الإنسان مع الإنسان الآخر بأمن وسلام
بالصبر والمرحمة..
فيسود العدل والحب والرحمة والإخاء والعطاء والفضل..
لئلّا تغطي طبائع الإنسان على عقله
فتأمره ربما بعكس ذلك..
فيطغى إذا استغنى..
إن الإنسان خلق هلوعاً منوعاً جزوعاً..

السبت، 5 مارس 2011

خطوات الشيطان..

الشيطان يخطو خطاه في كل اتجاه
يطرق كل الطرق
ويجري في كل مجرى
ويحل -لعنه الله- في كل مكان
حتى إنه ليقتحم على الراهب صومعته
ويطوف مع الطائف حول كعبته
وينتهك على العذراء حرمة خدرها
فما من طريق أو موضع إلا لحافر الشيطان فيه طبعة وأثر..!
..
لذلك فإنه توشك أن تقع خطوتُك على خطوته
بقصد أو غير قصد
في أيّة لحظة..!
..
فإن وقعت قدم المؤمن على حافر الشيطان
فليعلم أنه أمام أمرين..
فإما أن تزل قدمه الأخرى أيضا
فتقع على حافر آخر
فتتتابع خطواته على خطواته
فتزل قدم بعد ثبوتها
ويذوق السوء..
وإما أن يعلم أنه بشر سائر في طريقه لله
ولكن وقع منه الخطأ والنسيان وما استكره عليه..
فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب ..
..
إنك إذا كنت مستقيما في دربك
فليس وقوعك على خطوة الشيطان دليل سيرك في طريقه
إنما السير في طريق الشيطان هو تتبع الخطوات
والشيطان لا يمشي سوياً على صراط مستقيم
إنما طريقه الاعوجاج
ولا يتكلف تتبُّع الاعوجاج إلا عامدٌ
مستقصدٌ درب الضلال..!

الخميس، 3 مارس 2011

في معنى الفتنة..

الفتنة تنام عندما يسود العدل
وتستيقظ عندما يتفشى الظلم..
..
والفَتْن هو الإحراق.
فإذا تسبب الظلم في إحراق القلوب
أو إحراق الأجساد
أو إحراق ممتلكات الناس
أو أيا كان شكل الإحراق..
فتلكم الفتنة..
..
قد يباشر المظلوم الحرق بنفسه
لشدة ما وقع عليه من الظلم..
فيكون مسيئاً
ولكن الله يلتمس للمظلوم العذر..
ويلقي باللوم على الذين يظلمون الناس..
ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل..
إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق
أولئك لهم عذاب أليم
..
ولا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلِم (فهو معذور)..
والقول قد يشمل الكلام والفعل..
ففي حديث التيمم: إنما كان يكفيك أن تقول بيدك هكذا
أي أن تفعل بيدك هكذا..
..
لكن القرآن يحض المؤمنين -مع ذلك- على أن يتقوا الله
فيتكلموا ويفعلوا الأمر السديد..
فذانك طريقا النجاح في الحياة..
اتقوا الله وقولوا قولا سديداً..
يصلح لكم أعمالكم (في الدنيا)..
و(في الآخرة): يغفر لكم ذنوبكم..
..
لقد أنزل الله الكتاب والميزان
ليقوم الناس بالقسط..
فالقيام بالقسط أمر لا ينزل من السماء..
ولكنه أمانة حُمّلها الإنسان الظلوم المعتدي بطبعه
لكي يضبط طبيعته..
..
من أجل ذلك ليس يغني المؤمن في رفع الظلم عن نفسه
مجرد الالتجاء إلى الله والدعاء
والصبر السلبي القاتل..!
بل عليه مع الصبر الحسن والدعاء الطيب
أن يعمل وأن يتكلم 
ولو بعمل القلب وكلامه..
..
فإنه لا يزال يظهر في الناس خلوف
لا يأخذون بسنة النبي وحوارييه..
فيقولون ما لا يفعلون
ولا يفعلون ما يؤمرون من العدل والقسط بين الناس..
فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن 
ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن
ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن
وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل!

الثلاثاء، 1 مارس 2011

إله الشر..

إله الهوى..
هو ما يمكن أن نسميه اليوم: غَلَبة العاطفة.
وليس الهوى مجرد الميل والتوق إلى الشيء..
فإن للنفس الإنسانية السوية هوايات مباركة..
فهي تتوق وتميل إلى العدل مثلا
فتتبعه وتكون مقسطة حين تعمل به..
والله يحب المقسطين..
*
القرآن يصف الظالمين بأن أفئدتهم هواء:
أي لا عقول لهم.
فهم تتحكم فيهم عواطفهم دون علم أو عقل أو هدى..!
*
لا بأس بالعواطف بمقادير محددة
ولكن العاطفة قد تفضي إلى الضلال عندما يكون لها فعل الآلهة..
فتصبح ذات قوة مفرطة لا يردها شيء.
فتتحكم في أفعالك وقراراتك
وتجعل على بصرك غشاوة
وتختم على سمعك وبصرك..
لتضل عن سواء السبيل..
وقديما قيل: عين الرضا عن كل عيب كليلة..
كما أن عين السخط تبدي المساوئ..
..
أرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم..
فمن يهدي من أضل الله؟!
لا أحد يهديه.
ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله..؟
لا أحد أضل منه. 
*
وأمثلة هدى الله الذي أرسل به رسوله
كي يضبط العاطفة والهوى كثيرة منها:
نكيره على الذين تغلبهم عاطفة
الحب فتصدهم أموالهم وأولادهم عن ذكر الله
أو يهاجرون لما هاجروا له؛ لا لله ورسوله..
..
والذين تغلبهم عاطفة الكره فيصدهم عن الله 
أن أوحى إلى غير رجل من  القريتين عظيم..
..
أو أولئك الذين يحملهم الكره والبغض على ألّا يعدلوا مع الخصوم!
-على أن العدل أقرب للتقوى-
فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا..
..
وعندما استوصى الرجل المؤمن النبي الكريم قال له:
لا تغضب وكررها مراراً قال: لا تغضب..
..
وأنكر القرآن على من يبالغ في الثقة واليقين بما عليه الآباء والأسلاف..
كما أنكر على الذين ارتابت قلوبهم فهم في غيهم يترددون..
..
وامتدح الذين لا يخافون لومة لائم ولا يخشون أحدا إلا الله..
..
وكره الذين يبالغون في إظهار الفرح
والله لا يحب الفرحين..
كما نهى عن النجوى فإنها من الشيطان ليحزن الذين آمنوا..
..
وثبت عن علي أنه سئل
عن رجل قتل رجلا وجده مع امرأته فقال:
إن لم يأت بأربعة شهداء وإلا فليغط برمته..
خشية أن يتتابع فيها السكران والغيران..
*
الشجاعة والخوف والحزن والفرح
والثقة واليقين والارتياب
والعطف والحب والقسوة والكره
والخجل والجرأة
والغضب والرضا والسخط
والحسد والاستنكاف والاستكبار
والغيرة...
كلها عواطف نابعة عن الهوى؛ إن لم يضبطها هدى الله
فإنها تتحول إلى آلهة
تفعل بعبيدها ما تشاء دون راد لما تفعل..!